المجتمع العربي يعاني من ترهل شديد في بنيته الأساسية وهي الموارد البشرية ومشكلتنا هي: (عدم إحسان توظيف الموارد البشرية بطريقة علمية يتقدَّم معها المجتمع). بجانب سوء توظيف الموارد البشرية والذي يتراوح بين بطالة مقنعة في دول الخليج الثرية وبطالة حقيقية، وعدم استفادة من الموارد البشرية في الدول العربية التي تعاني اقتصادياً كمصر وسوريا والسودان… وغيرها. بين هذا وذاك؛ تبرز أزمة الضمير المتمثلة في استبداد ثلة حاكمة أو مسيطرة على مقدرات شعوبها في أغلب الأحيان، وعدم التوزيع العادل للثروات، وهي أكبر أزمة ضمير تواجهها الأمة في واقعها المعاصر. بجانب فقدان الضمير للعاملين فعلياً في وظائف حكومية في معظم الوطن العربي ناتج عن تكاسل أو جهل ثقافي أو بيروقراطية حكومية أو روتين ممل… إلخ. ولكنها في النهاية تمثل أزمة ضمير وبُعد حقيقي عن إرادة النهوض بالأوطان نتج عن ظلم الولاة، وضياع ضمير الموظفين ترهُّلٌ شديد في البنى التحتية والمصالح الحكومية والشركات الوطنية… ثم ظهرت سياسة أكثر ضياعاً وهي سياسة الخصخصة للمشاريع الحكومية (بيعها بأبخس الأسعار لتجار يديرونها لمصالحهم -وقد حدث هذا في مصر– وتم بيع الشركات المنِتجة كقطع أراضي عقارية وتسريح العمال وإضعاف الاقتصاد). نتج عن هذا الجرم المشترك بين المسئولين وإهمال الموظفين ضعف شديد في الاقتصاد العربي، فالموظف الخليجي في الدول الثرية يسمى عمله دواماً وهو أثقل الأوقات على قلبه، يكاد أحدهم أن ينتج في يومه بالكامل دقائق معدودة يقضيها في عمل مفيد وتضيع باقي الأوقات هباءاً منثوراً؛ بين الضيافات وشرب المشروبات والتحدث مع الزملاء وتضييع الأوقات، ومثله في الدول الفقيرة التي يهرب معظم موظفيها من أعمالهم بالاتفاق مع مديريهم للبحث عن دخل إضافي، في وقت تتجه المرأة العاملة في معظمها لشغل وقت العمل بالتجهيز للاحتياجات المنزلية. في النهاية هي أزمة ضمير؛ تحتاج لمن يخطط أن يعيد التخطيط، فالموارد البشرية اليوم هي أهم ثروات الدول المحترمة وأهم مصادر دخلها… خاصة مع احتياج الدول الثرية -في منطقتنا لموارد الدول الفقيرة البشرية- لتوظيفها والاستفادة منها، فلو تكامل الوطن العربي ووجد من يحسن التخطيط والاتحاد بين الثروات الموارد البشرية لساد العرب العالم بأسره. ولكن بالطبع الواقع المعاش هو المطلوب منهم بالضبط بناء على أوامر السيد الغربي المستفيد من خمول العرب وتأخرهم. نحتاج: لضمير يخطط وضمير يعمل، وضمير ينتج، وضمير يُدرِّس، ويُعلِّم ويُربِّي، وضمير يُصنِّع، وضمير يبني، وضمير يزرع، وضمير يحصد ويستثمر الحصاد… نحتاج لإعادة بناء الضمير الكلي للعالم العربي، وإعادة بناء ضمائرنا الشخصية؛ للخروج من التِّيه… هذه دعوة للتأمُّل…